يتساءل كثيرون عن مدى تأثير تحليل الدم على صحة الصيام، وهل يُعدّ من المفطرات أم لا؟ في هذا السياق، يمكن استعراض آراء الفقهاء في المذاهب الأربعة إلى جانب الرأي الطبي حول تأثير سحب الدم على الجسم أثناء الصيام.
الرأي الشرعي: هل تحليل الدم يُفطر؟
أجمع جمهور العلماء على أن تحليل الدم لا يُفطر الصائم، لأنه ليس من المفطرات المعروفة مثل الأكل والشرب، ولا يؤدي إلى دخول شيء إلى الجوف. وإليك ملخص آراء المذاهب الفقهية:
- الحنفية والمالكية والشافعية: يرون أن إخراج الدم لا يؤثر على صحة الصيام، لأن الصيام يفسده ما يدخل الجوف وليس ما يخرج منه. واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم دون أن يُفطر، كما أن الصحابة كانوا يتحجمون أثناء الصيام ولم يُنقل أنهم أفطروا بذلك.
- الحنابلة: لديهم رأي مختلف، حيث يعتبرون الحجامة من المفطرات، ولذلك يرون أن سحب كمية كبيرة من الدم، مثل التبرع، قد يُفطّر الصائم. لكن بعض علماء الحنابلة المتأخرين أفتوا بأن التحليل الذي يأخذ كمية قليلة من الدم لا يُفطر، لأنه لا يؤدي إلى ضعف كبير كالذي يحصل عند التبرع بالدم.
بناءً على ذلك، فإن تحليل الدم لا يفطر الصائم عند غالبية العلماء، وهو رأي يُعمل به في معظم الفتاوى الحديثة، خاصة إذا كانت الكمية المسحوبة قليلة.
الرأي الطبي: هل تحليل الدم يؤثر على صحة الصائم؟
من الناحية الطبية، لا يوجد أي تأثير سلبي لسحب كمية قليلة من الدم أثناء الصيام، لأن الجسم يعوض الدم المفقود بسرعة. عادة، لا يشعر الصائم بأي أعراض بعد التحليل، لكن قد يعاني بعض الأشخاص من دوار خفيف مؤقت، خاصة إذا كان لديهم ضغط دم منخفض أو خوف من الإبر.
أما في حالة سحب كمية كبيرة من الدم، مثل التبرع، فقد يشعر الصائم بضعف أو دوخة، وقد يؤدي ذلك إلى الحاجة للإفطار إذا كان الجسم غير قادر على تحمل فقدان السوائل. لهذا السبب، ينصح الأطباء بتأجيل التبرع بالدم إلى ما بعد الإفطار، بينما تحليل الدم البسيط لا يستدعي ذلك.
في النهاية بإن تحليل الدم أثناء الصيام لا يُفطّر شرعًا عند جمهور العلماء، وهو آمن طبيًا في معظم الحالات. فإذا لم يشعر الصائم بأي تعب بعد التحليل، يمكنه إكمال صيامه بشكل طبيعي. أما إذا سبب له السحب ضعفًا شديدًا، فالأفضل له أن يستريح قليلاً، وإذا اضطر للإفطار، فإنه يقضي هذا اليوم لاحقًا.